٠٣ يناير ٢٠١١

رحلة إلى ضوء القمر....فاروق جويدة

لا أدرى ما الذى بقى فى عينى من وجه القمر الذى غابت أجمل الأشياء فيه و توارى ضياؤه الحزين أمام سحابات الجفاء واللامبالاة...ما الذى يبقى من وجه القمر فى ليلة شتوية حزينة تكدست فيها تلال السحب على عينى..فصار القريب بعيدا...وأصبح الضياء شعاعا هاربا لاأعرف أين استكان أو تلاشى.
ما الذى أغرانا بالرحيل خلف وجه القمر المسافر..كنا نعلم يا قلبى أنه أبعد من بعيد...وكنا نعلم أنه رحله سفر قاسية...وكنا نعلم أنه حلم مستحيل...ولكن مع السفر المضنى كان الإحساس بالأمان رغم كل جوانب الخوف والوحشه...مع البعد كان الحب يكفينا رغم اننا نطارد سرابا وسط صحراء قاحله ...ومع الحلم المستحيل كان هناك إحساس عميق بأن الرحله تستحق التعب...وأن المشاعر تستحق أن نضحى فى سبيلها بكل شئ..وقبل هذا كان هناك شعور ينمو ويكبر داخلنا يستحق أن ندافع عنه ونرعاه.
لم يكن الطريق سهلا...ولم تكن الرحله آمنه...ورغم ذلك اخترنا أن نمضى معا..لم يكن قرارى وحدى ...ولم يكن اختيارى وحدى ...ولكننا اخترنا معا..وقررنا معا...ومضينا فى الطريق معا...لو كنت وحدى صاحب القرار لقلت لنفسى..لقد فرضت الرحله فرضا...ولكن كل شئ بيننا كان واضحا صريحا لا خداع فيه ولا مناورة..كانت خريطه رحلتنا واضحه فى كل شئ..ولم نترك فيها شيئا إلا وناقشناه معا.
ومضت رحلتنا خلف وجه القمر المسافر...واخترنا لها أكثر من طريق ووضعنا أمامنا أكثر من احتمال...ربما اسرفت أنا فى أحلامى..لماذا لا تقل لى إننى أسرفت؟.ربما تجاوزت فى رحلة خيالى..لماذا لم تقل لى إننى تجاوزت؟..أكثر من هذا كان من الممكن أن تقول لى إننى أرفض الرحلة تماما,وعلينا أن نعود من حيث بدأنا ..ولكن كيف طاوعك قلبك يارفيقى أن نمضى معا فى رحلتنا ثم تهرب منى فى منتصف الطريق؟ كيف تنسحب من الميدان وتتركنى وحدى وأراك من بعيد وأنت تسرع هاربا بينما وقفت أنا اتلقى السهام.
بأى مبرر قبلت هذا لنفسك ورضيته لى؟.وكيف طاوعك قلبك أن تلقى سلاحك الذى تصورت أنه يحمينى فإذا أنا وحدى فى العراء؟.وكيف رضيت أن تمضى بعيدا وأنت ترى السهام تحاصرنى من كل اتجاه؟.
كان بوسعك أن تهمس فى أذنى بكلمة واحدة تقول"قررت الانسحاب"حتى اعرف اين اكون؟وماهو مصيرى فى هذا الميدان الصاخب؟.ولكنك انسحبت فى ليلة شتوية مظلمة ونظرت خلفى فوجدت ظلا هاربا يجرى مسرعا ولايحاول ان ينظر للوراء.
ومضيت يارفيق الرحله عائدا إلى الارض وتركتنى اقاوم الرياح والعواصف فى رحلتنا معا إلى وجه القمر..لا اعتقد انك قد خدعتنى فانا لااتصور ابدا فيك الخداع..ولااعتقد انك كذبت على..فمازلت حتى الآن أصدق كل شئ فيك حتى ولو كذبتنى ظنونى..ولااعتقد انك كنت تحاول ان تعيش معى وهما كاذبا أو تضع معى حلما واهيا..فأنا لا اصدق ان تكون هذه أخلاق من احب.
ومازلت يارفيقى أقف فى منتصف الطريق ..لا أنا عدت إلى الارض التى بدأنا منها يوما رحلتنا..ولاعدت أرى وجه القمر الذى حلمنا معا ان نصل إليه..ولاادرى اين انت يارفيقى؟!!!!! وماعنوان الارض التى اخترت ان تعيش عليها بعد ان انسحبت من الميدان ومضيت .


فاروق جويده