٠٨ أكتوبر ٢٠٠٩

ظـلال الشـكـ..تبعـدنـا......فاروق جويدة



قالت: ظلال الشك تقف بيننا سدا.أشك دائما فيك، وفى كثيرين حولك . وأنت تشك دائما فى،وفى كثيرين حولى.لماذا يتسرب الشك بداخلنا؟ لماذا يجذبنا كلما حاولنا الاقتراب؟ أشعر أن فى رأسك ألف امرأة غيرى ، وتشعر أن فى حياتى ألف عنوان غيرك، رغم أننى تعبت من السفر ، وان ليالى الصقيع ستكون طويلة ، وأن الوحدة شبح كريه يطاردني ، وأننى أريد رجلا يحتويني بيتا وقلبا و زمانا .
إن حبك يملأ كل ذرة فى كيانى ، لكن الشك يشبه الرياح التى تحمل ذرات الرمال ،وتلقيها بعيدا ،فلا تستقر ابدا على حال ،ولا تعرف لها مكانا ولا شاطئا تستريح إليه.
قلت:وأنا ،أيضا ، تطاردنى رياح الشك وتبعدنى عنك .فأنت امرأة استثنائيه لا حدود لأرضها ،ولانظام لحكمها ،ولاتنطبق عليها قواعد وقوانين العلاقات الدوليه، ولا شئ يحتويها على الإطلاق .
أنت مدينه بلا قوانين ، وامرأة بلا شبيه ، أنت حاله متفرده تماما.أنت تشبهين الغابات الشاسعه، التى تعطى الإنسان الهدوء والسكينة والأمان ، وفجأة تبخل عليه بقطره ماء ، فيموت على ترابها ظمآن . أنت حالة نادرة من النساء. ولذلك أشك فيك دائما. أسفارك ترهقنى ، وجنونك يظلمنى ، فقد تعلمت أن أجلس مع نفسى وقتا طويلا .أغلقت كثيرا من النوافذ ،ونسفت كثيرا من الطرق التى كانت تصل بيني وبين الناس ، لأن الناس تغيروا واصبحت أخاف منهم، وأنا إنسان يقودنى إحساسى ، ويوجهنى قلبى ، وعندى بوصله غريبة تجعلنى أقترب من هذا وأبتعد عن ذاك .
لاأنكر أن شيئا فيك يجذبني ،حينما يجئ صوتك من بعيد أشعر أن جيوشا من الدفء اقتحمت صقيع أيامى ، وأننى خرجت من سجنى ،وأننى أعانق وجهك رغم المسافات ،وأحتضن عينيك رغم ظلال الشك ، التى تقف بيننا، وتسد علينا ألف طريق.
أنا أعرفك تماما، وأدرك أنك تعرفيننى أكثر من أى امرأة أخرى زارت أيامى وحلت ضيفة على أرضى .وهذه المشكلة، مشكلة المعرفه. فنحن من نسيج واحد ، مشاعرنا واحدة ، وقلوبنا سلكت دروبا كثيره ،ونحب الجنون ومارسناه طويلا ، ونحب الناس ونخشاهم ، أنا وأنت سلاله بشرية منقرضة ، ولهذا نقترب كثيرا ونبتعد كثيرا،ونحب كثيرا ،ونشك كثيرا...أشعر أننى أعيش معك ،وأنك تعرفين كل صغيرة وكبيرة عنى، وأشعر فى وقت آخر أن كلا منا بعيد عن الآخر ، وأن الطريق بيننا ملئ بالأشواك والمطبات والحفر.

قالت: ولكن لقاءنا صدفه جميلة ينبغى ألا تضيع . إن الناس العاديين يلتقون فى أى وقت وأى زمان ، ولكن اللقاء الاستثنائى يشبه المعجزات التى فات زمانها.
يجب أن تكون حريصا على أن تظل علاقتنا ، ويبقى الود الجميل الذى يربط بيننا.

قلت: لاأدرى إلى متى سوف احتمل جنونك؟ ولا أدرى إلى متى سوف يبقى ما بيننا سرا نحاول أن نخفيه؟ وأشعر أحيانا أن عشرات الطرق قد امتدت بيننا ، وفجأة أشعر أن كل الطرق مسدودة ، وأنك تشبهين الأحلام الجميلة ، التى يجب أن ننساها ، حينما نفتح عيوننا على ضوء الشمس، ونجلس مع فنجان قهوتنا الصباحية.
أنت امرأة مجنونة بالحياة، وأنا مجنون مثلك. ولكن الفرق بيننا الآن أن جنونى يخوننى أحيانا ،فأنا مجنون بعض الوقت ،وأنت مجنونة كل الوقت.
قالت: أجمل الاشياء أن تكون مجنونا بحب الحياة.
قلت: لقد تكسرت فى أجنحه كثيره وفقدت الرغبة فى الطيران، وأحب أن أقف على الأرض وقتا طويلا، قبل أن أمارس جنونى وأبدأ الطيران.

قالت: وأنا لا أحب هواة الزمن الكسيح.
قلت: لقد سقط كثير من ريش اجنحتى.
قالت: معى سوف ينبت لك ريش جديد.
قلت: لن أحتمل السقوط مرة اخرى.
قالت: ستجدنى دائما بجوارك.
قلت: قدمى اليمنى مربوطة.
قالت: معى سوف تسقط كل القيود.
قلت: أخاف أن أعود بجناح واحد.
قالت: هذا إذا عدت.
قلت: هل حجزت ميعادا للعودة؟
قالت: من يفكر فى النهاية ، لا يبدأ شيئا.

ولم أجد شيئا أقوله ،فانطلقنا فى السماء ...ولا أدرى متى سأعود.

ليست هناك تعليقات: